الدين ليس .. تقصير الثوب و إطالة اللحية .. وأثابك الله فقط ..!
تلك في نظري هي مظاهر شكلية لفظية يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها ، وهي ان أفضت الى تقسيم الناس بين ( مطوع ) و ( غير مطوع ) الا انها لا يمكن ان تعطي تصور واضح عن نوايا البشر ( خيرها وشرها ) بناء على ما تعنيه تلك الالفاظ ( مطوع - غير مطوع ) ، فربما بعض الأعمال يقوم بها المرء تغفر له ما تقدم من من ذنبه بعيدا عن الثوب واللحية وان كان من الأفضل بالطبع اتباع الهدي النبوي في اعفاء اللحى وتقصير الثياب ..!
لعلي اتطرق هنا الى جانبا هاما في تلك القضية وهي ان تلك المظاهر الخارجية أصبحت الشرط الرئيس الواجب توفره في أئمة المساجد ..!
ليلة امس كنت أسابق الزمن في اللحاق بصلاة الجماعة في المسجد الصغير بالقرب من سكني ، وحين وصلت الى المسجد وجدت المصلين ينتظرون رغم تأخر وقت الصلاة وعدم حضور إمامهم ، وتساءلت : الصلاة يا إخوان ..لماذا لا تقيمون الصلاة ؟ قال احدهم الإمام ما جاء ..!
في خضم الحيرة التي بدأت تتسيد المكان اذا بالامام قد أتى .. وهو من الجنسية البنجلادشية ، المظهر متوافق تماما مع مظهر المطوع : الثوب قصير .. اللحية طويلة .. والشماغ مسدولا للأمام ، الا انه تميز بشيء اخر وهو لبسه لفوطة زرقاء فاقع لونها من تحت الثوب .!! ورائحة الكمبودي تشم من مسافة اربعين ذراعا ً ..!
دخل الامام وتصدى لإمامة المسلمين وقال : استو .. استوينا وكبر وكبرنا ..
بدأ التلاوة ..بقراءة الفاتحة :
( الهمد لله ربي أأأأألمين ).. بدل من ( الحمد لله رب العالمين ) ... االخ
واستمر في قراءته وكثير من الحروف لم تجد لها مخرجا واضحا ً .
انتهى الموقف وخرجنا من المسجد وللأمانة كنت منزعجا جدا من ذلك الموقف وتساءلت أليس بيننا من كان سـ يؤم المسلمين ويتلوا تلاوة أفضل من ذلك الإمام الذي ربما كان يبحث عن مصدر رزقا فقط وليس التعبد ؟
شخصيا انا أصلح إمام ، مشكلتي الوحيدة انه ليس لي لحية طويلة ، وثوبي ليس قصير الى الحد المطلوب كمظهر وليس كدين ولا البس الفوطة من تحت الثوب ولا احبذ دهن العود ، والأدهى والأمر أنني أحيانا البس عقال على الشماغ ، اما القران فلله الحمد والمنة احفظ منه خيرا ً ، وصوتي لا بأس به ..
ولكن .. صدقوني لا يمكن قبولي لو ذهبت للأوقاف وطلبت ان أكون إماما للناس ، وربما ان بعضهم قد يُومي إيماء؛غير لائق عندما يعلم أنني سافرت لبلاد المشركين مواطن اللهو والمنكر ..
في مدينة جده تحديدا عشرات المساجد يؤمها عشرات البنجلادشيين القادمين من الشرق ، وكأن بنجلاديش هي موطن الرسالة ومهبط الوحي ؟ وكأن هؤلاء العمالة هم من سيجدد الدعوة المحمدية ويعيد للاسلام هيبته ..! مدهش حقا ما وصل اليه الامر لدينا ..!
خلاصة القول ان بعض المظاهر الخارجية لأشكال الناس هي من أصبح يميز بينهم ، رغم ان النية محلها القلب ولا يمكن لاحد التنبؤ بنوايا الناس وما تضمره من خير وشر بناء على مظهرها الخارجي ، حتى وان كان يوحي الى الخير ..
مَ / نْ
لـِ أرواحكم السعادة
